تعتبر مسألة المعاناة من الم في الرحم للحامل من المواضيع التي تثير قلقًا كبيرًا لدى العديد من النساء خلال فترة الحمل. إذ تُعَدّ الآلام والتقلّصات شائعة ومقلقة في آنٍ واحد. تتباين طبيعة هذه الآلام حسب مرحلة الحمل، وطبيعتها، ومدى شدّتها. إذ يمكن أن تكون جزءًا طبيعيًا من التغيّرات الجسديّة التي تحدث لتحضير الرحم للجنين. بينما في حالاتٍ أخرى قد تكون دلالة على مشكلة تحتاج إلى تدخّلٍ طبي لتفادي المعاناة من أبرز المشاكل التي تواجه الحامل.
في هذا المقال، سنتناول هذا الموضوع بشكل شامل. حيث سنستعرض الحالات الطبيعيّة التي قد تعاني فيها الحامل من ألمٍ في الرحم، ونوضح العوارض التي تدلّ على وجود خطورة والتي تتطلّب اهتمامًا طبيًا عاجلًا. كما سنناقش تأثير انقباضات الرحم على الجنين وكيفيّة التعامل معها.
هل طبيعي ألم الرحم للحامل؟
هل وجود الم في الرحم للحامل يُعَدّ أمرًا طبيعيًا؟ من الطبيعيّ أن تشعر الحامل بألمٍ في الرحم، خاصّةً في الثلث الثاني والثالث من الحمل. تتراوح هذه الآلام بين الخفيفة إلى المتوسّطة، وهي غالبًا ما تنتج عن تمدّد الأربطة والعضلات المحيطة بالرحم لدعمه خلال نمو الجنين في الرحم. يُطلق على هذه الآلام “آلام الأربطة المستديرة”. وهي تحدث بشكلٍ متكرّر مع الحركة المفاجئة أو الوقوف بسرعة American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG).
يتفاوت هذا الألم حسب حساسية جسم الحامل، فقد يكون أكثر وضوحًا لدى بعض النساء مقارنةً بغيرهنَّ، ويزول غالبًا بعد الاسترخاء أو تغيير الوضعيّة. كما تزداد حدّته بشكلٍ طبيعيٍّ مع تقدّم الحمل وزيادة وزن الجنين. حيث يعمل الجسم بجهدٍ أكبر لدعم النموّ داخل الرحم. ومع ذلك، إذا شعرت الحامل بألمٍ شديدٍ أو متواصلٍ، أو رافقته عوارض أخرى، فينبغي استشارة الطبيب فورًا للتحقّق من الحال.
متى يكون ألم أسفل البطن خطيرًا للحامل؟
هل المعاناة من الم في الرحم للحامل تُعَدّ حال خطيرة؟ على الرغم من أنّ وجود ألم في الرحم للحامل يعتبَر شائعًا في معظم الأحيان، إلّا أنّ هناك حالات تحتاج فيها الحامل إلى توخّي الحذر والانتباه. يكون الألم خطيرًا إذا ترافق مع نزيفٍ مهبلي، أو إفرازات غير طبيعية، أو ارتفاع في درجة الحرارة. إذ قد تكون هذه علامات على وجود عدوى أو انفصال مبكر للمشيمة، والذي يُعَدّ خطرًا على صحّة الأم والجنين Mayo Clinic.
في المراحل الأولى من الحمل، يمكن أن تشير المعاناة من الألم الشديد إلى حال الحمل خارج الرحم. والتي تتطلب علاجًا سريعًا لتجنب المخاطر على حياة الأم. كما أنّ الشعور بالألم الحاد والمستمرّ في الثلث الأخير من الحمل قد يكون علامةً على الولادة المبكرة، خاصّةً إذا كان مصحوبًا بانقباضاتٍ منتظمة على فتراتٍ متقاربة. في مثل هذه الحالات، يُنصَح بزيارة الطبيب فورًا لتقييم الوضع وتحديد ما إذا كان الألم يحتاج إلى تدخّلٍ طبّيٍ فوري.
هل انقباضات الرحم تؤثر على الجنين؟
هل وجود الم في الرحم للحامل يؤذي الجنين؟ تحدث انقباضات الرحم في عدّة مراحل من الحمل، وقد تكون طبيعيّة في أغلب الأحيان. تُعرف هذه الانقباضات بـ”براكستون هيكس”، وهي عادةً ما تكون غير منتظمة وخفيفة تهدف إلى تحضير الرحم لعمليّة الولادة، وتظهر غالبًا في الثلث الثاني والثالث من الحمل. يعتبر هذا النوع من الانقباضات غير مؤذٍ للجنين ولا يشكل خطرًا على سلامته. إذ أنها تُعتبر جزءًا من الاستعداد الطبيعي لجسم الحامل National Health Service (NHS).
لكن إذا كانت الانقباضات قوية ومتكررة، خاصةً في مراحل مبكرة من الحمل، فقد تشكل ضغطًا على الجنين، وتؤدّي إلى انخفاض كمية الأوكسجين التي تصل إليه. وتزيد خطورة هذه الانقباضات إذا كانت مصحوبة بفقدان السائل الأمنيوسي أو آلام شديدة ومستمرة. إذ قد تؤدّي إلى نقص في كمية السوائل المحيطة بالجنين، ممّا يزيد من احتمالية المضاعفات. ينبغي على الحامل مراجعة الطبيب إذا لاحظت تكرار الانقباضات بشكلٍ ملحوظ، حتى يتمكّن من اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان الحفاظ على سلامة الجنين وصحّة الحمل.
ما هي العلامات التي تستدعي القلق؟
متى يكون الم في الرحم للحامل خطيرًا؟ في بعض الأحيان، قد تترافق آلام الرحم مع عوارض أخرى تشير إلى وجود مشكلة صحيّة خطيرة. ينبغي الانتباه لبعض العلامات التي قد تكون دلالة على مضاعفات محتملة، مثل:
- النزيف المهبلي: قد يكون هذا النزيف علامة على حدوث مشاكل مثل الانفصال المبكر للمشيمة أو الحمل خارج الرحم. وهما حالتان تستدعيان التدخّل الطبّي السريع Healthline.
- ارتفاع درجة الحرارة: قد يشير هذا العرض إلى وجود عدوى في الرحم أو التهاب يحتاج إلى علاج سريع.
- القيء الشديد والمستمر: إذا ترافق القيء مع الألم، فقد يكون مؤشرًا على اضطرابات هرمونية أو مشاكل في الجهاز الهضمي تؤثّر على صحّة الحامل.
- آلام شديدة ومستمرّة في أسفل البطن: قد يكون هذا الألم دليلًا على احتمال حدوث ولادة مبكرة أو مشاكل في الرحم تتطلّب المتابعة الطبية.
إنّ الاهتمام بصحّة الحامل ومتابعة العوارض غير الاعتيادية يسهم في الوقاية من العديد من المخاطر وضمان الحفاظ على سلامة الأم والجنين على حدٍّ سواء. إذا لاحظت الحامل أيًا من هذه العلامات، ينبغي عليها التوجه إلى الطبيب فورًا لتشخيص الحال وتلقّي العلاج المناسب.
هل يمكن للحامل اتخاذ إجراءات للتخفيف من آلام الرحم؟
كيف يمكن تخفيف الم في الرحم للحامل ؟ بجانب متابعة الطبيب عند الشعور بألمٍ غير طبيعي، يمكن للحامل اتّخاذ بعض التدابير التي تساعد على التخفيف من الألم وتوفير الراحة للجسم. من النصائح التي ينصح بها الأطباء:
- الراحة وتجنب الإجهاد: ينصح الأطباء بتجنّب ممارسة الأنشطة البدنيّة الثقيلة، خاصّةً في حالات الألم الشديد. يمكن للحصول على الراحة والاستلقاء أن يخفّفا من الضغط على الرحم.
- استخدام كمادات دافئة: قد يساعد تطبيق الكمّادات الدافئة على منطقة الألم في تخفيف التقلصّات والالتهابات.
- ممارسة تمارين التنفس والاسترخاء: تساهم ممارسة هذه التمارين في تهدئة الأعصاب وتخفيف الشعور بالتوتّر. ممّا يقلّل من الشعور بالآلام.
- شرب كميّاتٍ كافية من الماء: يوصى بالبقاء رطبة، حيث قد يقلّل الجفاف من آلام الأربطة ويساهم في تخفيف التقلصات Cleveland Clinic.
في الختام، تُعَدّ المعاناة من الم في الرحم للحامل من العوارض الشائعة التي قد تثير القلق. لكنّه غالبًا ما يكون طبيعيًا ولا يشكّل خطرًا على الأمّ أو الجنين. من المهمّ أن تكون الحامل واعيةً للعوارض الطبيعيّة وتفهم متى يصبح الألم غير طبيعيّ ويحتاج إلى استشارة الطبيب. من خلال مراقبة الجسم والانتباه للإشارات المهمّة، يمكن للحامل الاستمتاع بتجربة حمل آمنة ومريحة، من دون الشعور بالخوف الزائد. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سبب صغر بطن الحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الوعي والمعرفة بعوارض الحمل الطبيعية يساهمان بشكلٍ كبيرٍ في تعزيز الطمأنينة لدى الحامل. إن المتابعة الدورية مع الطبيب وتجنب القلق المفرط يساعدان المرأة على التعامل مع التغيرات الجسدية والنفسية بثقة واطمئنان. ممّا يضمن لها ولجنينها رحلة حمل صحيّة وآمنة.
