قد تكون اعراض الضغط النفسي عند الاطفال غير واضحة تمامًا في البداية، لكنها تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على تطوّرهم النفسي والعقلي. الأطفال، وخاصةً في مراحل نموّهم الأولى، يواجهون تحدّياتٍ نفسيّة كبيرة تتطلب منكِ، كأمّ، متابعة دقيقة ومستمرّة. إذا لم يُعالج الضغط النفسي بشكل فعال، فإنّه قد يؤدّي إلى نتائج سلبية تستمرّ على المدى الطويل قد تصل إلى حدّ إصابة الأطفال بالأمراض النفسيّة. ممّا يؤثّر على سلوكهم وأدائهم الأكاديمي، وحتّى علاقاتهم الاجتماعيّة.
في هذا المقال، سنستعرض كيفيّة تحديد علامات الضغط النفسي عند الأطفال بوضوح، والاضطرابات النفسيّة التي قد يعانون منها بسبب هذا الضغط. بالإضافة إلى الكشف عن كيفيّة التعامل مع هذه الضغوط باستخدام استراتيجيّات عمليّة وفعّالة. الهدف هو تقديم خطّة واضحة وشاملة تساعدكِ على فهم طفلكِ بشكلٍ أعمق وتحقيق التوازن النفسي الذي يحتاجه في حياته اليوميّة.
كيف أعرف أن طفلي يعاني من ضغط نفسي؟
يمكنكِ التعرف على اعراض الضغط النفسي عند الاطفال من خلال مراقبة سلوكهم عن كثب. فهم يعبّرون عن مشاعرهم وسلوكيّاتهم بطرق غير مباشرة، لذا عليكِ أن تنتبهي لأيّ تغيّرٍ غير مبرّر في عاداتهم أو تصرفاتهم اليومية.
على سبيل المثال، قد يُظهر الطفل انطواءً مفاجئًا بعد أن كان اجتماعيًا، أو قد تزداد نوبات الغضب لديه بشكلٍ غير طبيعي. أيضًا، قد تتغير أنماط النوم أو الشهيّة بشكلٍ مفاجئ، ممّا يشير إلى وجود توتّر داخلي When numbers fail: do researchers agree on operationalization of published research?/ NIH.
تشير الأبحاث إلى أنّ الأطفال يعبرون عن ضغوطهم النفسيّة عبر مشاكل جسديّة مثل آلام المعدة أو الصداع المتكرّر. والتي غالبًا ما تكون غير مبررة من الناحية الطبيّة. تظهر هذه العوارض نتيجة التفاعل النفسي مع الضغوط اليوميّة، سواء كانت مرتبطة بالعائلة، أو المدرسة، أو حتّى الأصدقاء.
ما هي المشاكل النفسية التي يعاني منها الأطفال؟
غالبًا ما تتفاقم اعراض الضغط النفسي عند الاطفال إذا لمّ يتم التعامل معها بطريقةٍ صحيحة وفي الوقت المناسب. يمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى الإصابة بمشاكل نفسيّة أكثر تعقيدًا مثل القلق والاكتئاب الحاد.
يُعَدّ القلق من أكثر الاضطرابات شيوعًا بين الأطفال، حيث يترافق مع مشاعر دائمة من الخوف أو التوتّر.كما قد يؤدّي القلق المزمن إلى اضطرابات النوم وفقدان الثقة بالنفس. American Psychological Association.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني بعض الأطفال من اضطرابات نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) بسبب تعرّضهم لضغوطٍ نفسيّة مستمرّة. تظهر هذه الاضطرابات من خلال صعوبة التركيز، وسرعة الانفعال، وعدم القدرة على الجلوس بهدوء لفترات طويلة. من جهةٍ أخرى، قد يؤدّي الضغط النفسي أيضًا إلى انسحاب اجتماعي. حيث يبدأ الطفل بتجنّب المشاركة في الأنشطة الاجتماعيّة ويفضّل العزلة. ممّا قد يؤثّر سلبًا على مهاراته الاجتماعيّة وتطوّره النفسي على المدى الطويل. Pub Med Central.
علاج الضغط النفسي عند الأطفال
يتطلب علاج اعراض الضغط النفسي عند الاطفال اتّباع خطوات متعدّدة. تبدأ بفهم الأسباب الحقيقية للضغوط التي يواجهها الطفل، ثم معالجتها بشكل عملي. في البداية، يجب عليكِ توفير بيئة آمنة ومستقرّة في المنزل، حيث يشعر الطفل بالراحة والطمأنينة. فقد أظهرت الدراسات أن توفير بيئة داعمة وسليمة يُعدّ من أهم عوامل التخفيف من التوتر لدى الأطفال Centers for Disease Control and Prevention.
إضافةً إلى ذلك، يُنصَح بتشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بحرّية، وذلك من خلال الحوار المفتوح والمستمر. تأكّدي من أن الطفل يدرك أنّه مسموع ومفهوم، ممّا يعزّز من ثقته بنفسه ويخفّف من شعوره بالضغط النفسي. يمكنكِ أيضًا إشراكه في ممارسة الأنشطة البدنيّة والفنيّة التي تساعده على تفريغ التوتّر بطرقٍ صحيّة ومفيدة.
إذا لاحظتِ أن العوارض مستمرّة وتؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على حياة الطفل، يجب استشارة مختصّ نفسي أو معالج سلوكي. يُعدّ التدخل المبكر حلًا فعالًا لضمان الحفاظ على صحّة الطفل النفسية على المدى الطويل. فالمعالجون النفسيّون يمكنهم استخدام تقنيّات سلوكيّة متقدّمة تساعد الطفل على التعامل مع التوتّر بطرقٍ بنّاءة. ممّا يُحسّن من مهاراته في مواجهة التحدّيات اليوميّة.
الضغط النفسي عند الاطفال: الخلاصة
في النهاية، تُعدّ اعراض الضغط النفسي عند الاطفال مؤشرًا على الحاجة إلى تقديم العناية الفوريّة والفعّالة بصحّتهم النفسيّة. يُعتبر دوركِ كأمّ أساسيًا في تقديم الدعم العاطفي والمعنوي لطفلكِ، لضمان توازن نفسي سليم يُساعده على النموّ بثقةٍ واطمئنان. إنّ الاهتمام المستمر بتفاصيل سلوك طفلكِ، وإجراء حوار دائم معه، يُسهمان بشكل كبير في الوقاية من الإصابة بالمشاكل النفسيّة التي قد تنجم عن الضغوط المتراكمة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن دور الأسرة في الصحة النفسية للطفل وكيفية تطويره.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّه يجب على الأهل أن يكونوا حذرين ومستعدّين لملاحظة أيّ تغييرٍ في سلوك الطفل، حيث أنّ الصحّة النفسيّة تُعدّ حجر الزاوية في بناء شخصيّة متوازنة وسليمة. الاهتمام بالصحة النفسية للطفل لا يقل أهمية عن العناية بصحته الجسدية، ولا تستهيني أبدًا بتأثير البيئة المحيطة على مشاعره وتطوره العاطفي.