تُعَدّ اسباب نزول ماء من المهبل من أكثر العوارض التي تُقلق النساء وتُربكهنَّ. عند الشعور برطوبة زائدة أو مفرطة، قد تظنين أنها إفرازات طبيعية، لكن في الحقيقة قد تكون إنذارًا لحال خطيرة. فالتمييز بين الإفرازات العادية ونزول الماء غير الطبيعي من المهبل يُشكّل فرقًا كبيرًا في التشخيص والعلاج.
في هذا المقال، سنُسلّط الضوء على أبرز الأسباب التي تؤدّي إلى نزول الماء من المهبل. سنتناول الأسباب الطبيعية وتلك التي تُشير إلى وجود خطر حقيقي. كما سنُفرّق بين الحالات البسيطة وتلك التي تستدعي التدخّل الطبي الفوري، مع دعم علمي موثوق ومعلومات دقيقة من دراسات حديثة.
الإفرازات المهبلية الطبيعية
في البداية، من الضروري معرفة أنّ الجسم يُفرز سوائل مهبلية بشكل طبيعي. تُحافظ هذه الإفرازات على نظافة المهبل وترطّبه، وتمنع نمو البكتيريا الضارة. غالبًا ما تكون هذه الإفرازات شفافة، لزجة قليلًا، بلا رائحة مزعجة.
لكن رغم ذلك، لا تتوقّف اسباب نزول ماء من المهبل فقط على الإفرازات الطبيعية. فبعض النساء يُلاحظنَ تغيّرًا في كمية الماء أو لونه أو رائحته. في هذه الحال، لا بد من التحقّق، لأنّ التغيير قد يُخفي وراءه مشكلة أكبر. لا يكون نزول الإفرازات الطبيعية فجائيًا ولا يُصاحبه عوارض مثل الشعور بحكة في المهبل أو الحرقة أو الألم.
التهابات الجهاز التناسلي
عندما تتعرّضين لعدوى في الجهاز التناسلي، يزداد تدفّق الماء من المهبل بشكل واضح. وتشمل هذه الالتهابات التهاب المهبل البكتيري، أو الفطري، أو حتى بعض العدوى المنقولة جنسيًا مثل الكلاميديا أو السيلان.
في هذه الحالات، لا يقتصر العرض على الماء فقط، بل قد تشعرين أيضًا بحكة مستمرة، وانبعاث رائحة كريهة، والمعاناة من الألم خلال ممارسة العلاقة الحميمة. بحسب دراسة نُشرت في مجلة Journal of Lower Genital Tract Disease عام 2021، فإنّ 60% من النساء المصابات بالتهابات مهبلية لاحظن زيادة في تدفّق الماء بشكل غير طبيعي.
إذا شعرتِ بأي من هذه العوارض، عليكِ استشارة طبيبتك فورًا لتجنّب المضاعفات، خصوصًا إذا كنتِ في فترة حمل أو تخطّطين للإنجاب.
تسرب السائل الأمنيوسي خلال الحمل
من أخطر اسباب نزول ماء من المهبل هو تسرّب السائل الأمنيوسي في أثناء الحمل. في الحالات الطبيعية، يُحيط هذا السائل بالجنين ليحميه ويوفّر له بيئة آمنة. لكن، في بعض الحالات، قد يحدث تمزّق مبكّر للأغشية يؤدّي إلى تسرّب السائل قبل وقت الولادة.
قد يحدث هذا الأمر فجأة، وتشعرين وكأنّ سيلانًا دافئًا يُصيب ملابسك الداخلية من دون قدرة على السيطرة. وهنا تكمن الخطورة. بحسب تقرير منشور في American Journal of Obstetrics & Gynecology عام 2020، فإنّ 10% من النساء الحوامل قد يتعرّضن لتسرّب السائل الأمنيوسي قبل الأسبوع 37 من الحمل.
التمييز بين الإفراز العادي والسائل الأمنيوسي يتطلّب إجراء فحصًا سريريًا دقيقًا. وفي حال الشك، يُفضل التوجه فورًا إلى الطوارئ. إذ يمكن أن يؤدي تسرب هذا السائل إلى ولادة مبكرة أو التهابات تهدّد حياة الجنين.
الناسور المهبلي عندما يتسرّب البول دون وعي
من الحالات النادرة ولكن الخطيرة، هو وجود ناسور بين المثانة والمهبل. يُسبّب هذا الناسور تسرب البول إلى المهبل من دون تحكم، فيبدو وكأنه ماء يخرج من المهبل.
قد تظنين في البداية أن الأمر طبيعي، لكن إذا استمرّ التدفّق مع شعور بانزعاج، وانبعاث رائحة تشبه رائحة البول، أو التهاب متكرر، فهذا يدلّ على وجود مشكلة بنيوية.
قد ينشأ الناسور بعد إجراء عمليات جراحية في الحوض، أو بسبب مضاعفات الولادة الصعبة، أو بعض السرطانات. تحتاج هذه الحال إلى تدخّل جراحي لإصلاح الفتحة غير الطبيعية.
نُشرت دراسة حديثة من The Lancet Global Health عام 2023 أشارت إلى أن النساء في الدول ذات الرعاية الصحية المحدودة أكثر عرضة لتكوّن الناسور نتيجة مضاعفات الولادة المتأخرة.
اضطرابات الهرمونات وتكيّس المبايض
أحيانًا، تؤدي المعاناة من الاضطرابات الهرمونية إلى تغييرات في مخاط عنق الرحم، ما يؤدي إلى نزول إفرازات مائية تشبه الماء. تكيّس المبايض مثلًا قد يُغيّر التوازن الهرموني، ويُسبّب تدفّقًا زائدًا للسائل المهبلي.
قد لا تكون هذه الحال خطيرة بحدّ ذاتها، لكنها تُنذر بوجود خلل داخلي يحتاج إلى تعديل في نمط الحياة أو علاج هرموني. في هذه الحالات، غالبًا ما ترتبط اسباب نزول ماء من المهبل بعوامل داخلية تتعلّق بالمبايض، أو نشاط الغدة الدرقية، أو تأثير حبوب منع الحمل.
يُساعدك إجراء الفحص الدوري لدى طبيبة النساء على مراقبة التغيرات الهرمونية والكشف المبكر عن وجود أي خلل.
متى يكون الأمر طارئًا ويستدعي التدخّل؟
عليكِ طلب المساعدة الطبية العاجلة إذا لاحظتِ أيًّا من هذه العلامات مع نزول الماء:
- رائحة غير معتادة أو قوية
- ألم في أسفل البطن
- ارتفاع في الحرارة
- حكة أو حرقة
- نزيف مهبلي مصاحب
قد يؤدي تجاهل هذه إلى مواجهة مضاعفات صحية خطيرة، خصوصًا خلال الحمل أو في حال وجود التهابات مزمنة.
لا تستهيني أبدًا بأي تغيير مفاجئ في جسمك. قد تكون بريئة اسباب نزول ماء من المهبل، لكنّها قد تكون أيضًا أول إشارة لمشكلة تحتاج إلى عناية فورية. من الأفضل دائمًا الاستماع إلى إشارات جسمكِ ومراقبتها بوعي.
إنّ الزيارة المنتظمة لطبيبة النساء، وإجراء الفحوصات الدورية، والحرص على النظافة الشخصية، تُشكّل خط الدفاع الأول ضد أيّ مضاعفات قد تهدّد صحتكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تفاصيل عملية تضييق المهبل بالليزر.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أجد أن التوعية بهذا النوع من المواضيع أمر بالغ الأهمية. فالكثير من النساء يتجنّبن الحديث عن الإفرازات أو التغيرات المهبلية بدافع الخجل، وهذا أمر يجب تغييره. الصمت لا يحمي، بل يُخفي المشكلة. أنصح كل امرأة بمراقبة جسدها عن كثب، وعدم تجاهل أي تغيّر مهما بدا بسيطًا. الكشف المبكر هو طريقكِ نحو حياة صحية ومتوازنة.
