يُعَدّ الم العصعص للحامل واحدًا من العوارض التي قد تواجهها المرأة خلال فترة الحمل، خاصّةً في الثلث الأخير منه. يمكن أن يكون هذا الألم مفاجئًا ومزعجًا، ويمتدّ أحيانًا ليؤثّر على حياتها اليوميّة وقدرتها على التحرّك بحريّة. ويحدث الشعور بسبب الضغط الزائد الناتج عن نمو الجنين في الرحم وزيادة وزنه، ممّا يضع مزيدًا من الضغط على العصعص، وهو العظم الصغير في نهاية العمود الفقري.
سنركّز في هذا المقال على شرح الم العصعص للحامل من جوانب عدّة. سنتحدّث عن الأسباب المحتملة التي تؤدّي إلى حدوث هذا الألم، وسنوضّح مدى خطورته وتأثيره على صحّة المرأة الحامل. كما سنقدّم لكِ نصائح فعّالة تساعدكِ على التخلّص من هذا الشعور بطرقٍ طبيعيّة وآمنة.
ما هو سبب وجع العصعص عند الحامل؟
تُعتبَر المعاناة من الم العصعص للحامل من المشاكل التي تواجه العديد من النساء خلال هذه الفترة الحسّاسة، وقد تتفاوت شدّة هذا الألم من امرأة إلى أخرى. يعود السبب الرئيسي لهذا الشعور إلى التغيّرات الجسديّة والهرمونيّة التي تحدث في جسم الحامل.
مع نموّ الجنين، يزداد حجم الرحم والضغط على منطقة الحوض، ممّا يؤدّي إلى ضغطٍ مباشر على العصعص. إضافةً إلى ذلك، يفرز جسم الحامل هرمون الريلاكسين الذي يعمل على تليين الأربطة في منطقة الحوض لتهيئة الجسم للولادة. وهذا ما يؤدّي إلى جعل العصعص أكثر عرضةً للحركة والضغط، وبالتالي الشعور بالألم. وهذا بحسب موقع Royal Berkshire NHS Foundation Trust في تقريرٍ موسّع نُشِرَ عبره عام 2022 تحت عنوان “Coccyx pain during pregnancy (antenatal)”، والذي يمكن الاطّلاع على المزيد من تفاصيله من خلال الضغط هنا.
بالإضافة إلى التغيّرات الهرمونيّة والضغط الناتج عن نموّ الجنين، يمكن أن تؤدّي وضعية الجلوس والوقوف دورًا مهمًا في تفاقم هذا الألم. حيث إنّ الجلوس لفترات طويلة أو الوقوف بوضعيّةٍ غير صحيحة قد يزيد من الضغط على العصعص ويسبب شعورًا أكبر بعدم الراحة.
ألم العصعص هل هو خطير؟
يبدو الم العصعص للحامل في البداية وكأنّه عرض شائع وعابر، ولكن في بعض الحالات قد يكون مؤشّرًا على مشكلة أكبر. لذا من المهمّ أن تفهم الحامل متى يكون هذا الألم عابرًا ومتى يستدعي استشارة الطبيب.
على الرغم من أنّ الم العصعص للحامل غالبًا ما يكون نتيجةً للتغيّرات الطبيعيّة التي تحدث في جسم الحامل، إلّا أنّه في بعض الأحيان يمكن أن يكون مؤشرًا على وجود مشاكل تتعلّق بالعمود الفقري السفلي أو الحوض، ممّا يسبب وجع الظهر. في حالاتٍ نادرة، قد يشير الشعور بالألم الشديد والمستمرّ إلى وجود إصابة في منطقة العصعص أو التهاب يتطلب تدخلًا طبيًا.
إذا أصبح الألم غير محتملًا أو استمرًّا لفتراتٍ طويلة من دون تحسّن، يجب على الحامل مراجعة الطبيب. قد يكون الألم المستمر علامة على حاجة الجسم إلى رعاية إضافيّة، وقد يؤثّر بشكلٍ سلبي على قدرة المرأة على التحرّك وممارسة حياتها اليوميّة. بعض الحالات قد تتطلّب هذه الحال علاجًا إضافيًا مثل جلسات العلاج الطبيعي أو تناول بعض الأدوية المسكّنة التي تعتبر آمنة للحامل.
كيف تتخلّصين من ألم العصعص؟
يمكنكِ اتّباع بعض النصائح والإجراءات التي قد تساعد في التخفيف من تأثير الم العصعص للحامل وجعل الحمل أكثر راحة ممّا هو عليه، لذا سنقدّم لكِ أهمّها في ما يلي:
- تحسين وضعيّة الجلوس والوقوف: إنّ الجلوس لفتراتٍ طويلة يفاقم الضغط على العصعص، لذا يجب الحرص على تغيير وضعيّة الجلوس بين الحين والآخر. استخدام وسائد مريحة مثل وسادة على شكل “U” قد يساعد في تخفيف الضغط المباشر على منطقة العصعص. كما يجب عليكِ الحرص على الوقوف بشكل صحيح وتجنب الانحناء للأمام.
- ممارسة تمارين التمدّد: يمكن لممارسة بعض التمارين البسيطة مثل تمارين التمدّد الخاصّة بمنطقة الظهر والحوض أن تساعد في تقوية العضلات المحيطة بالعصعص، ممّا يقلّل من الضغط عليه. كما أنّ ممارسة تمارين اليوغا أو البيلاتس قد تكون مفيدة جدًا في تحسين المرونة وتخفيف الألم.
- استخدام الكمّادات الدافئة: إنّ تطبيق الكمادات الدافئة على منطقة العصعص يمكن أن يساهم في تخفيف التوتر في العضلات المحيطة ويقلّل من الشعور بالألم. يُفضَّل استخدام الكمادات لمدّة 15-20 دقيقة يوميًا للحصول على أفضل النتائج.
- الاستعانة بالعلاج الطبيعي: إذا استمر الشعور بالألم، قد يكون من المفيد مراجعة مختصّ علاج طبيعي. حيث يمكن أن يوفر العلاج الطبيعي بعض التمارين الموجهة والتقنيات التي تساعد في تحسين وضع العصعص وتخفيف الضغط عليه.
- تناول المسكنات الآمنة: في الحالات الشديدة، يمكن للطبيب أن يوصي بتناول بعض الأدوية المسكنة الآمنة أثناء الحمل. لكن يُفضَّل استشارته قبل تناول أي دواء للتأكّد من ملاءمته للحال.
يعتبر الم العصعص للحامل من العوارض التي يمكن أن تؤثّر بشكلٍ كبير على نوعية الحياة اليوميّة خلال فترة الحمل. على الرغم من أنّه غالبًا ما يكون نتيجة للتغيّرات الطبيعيّة التي يمرّ بها الجسم، إلّا أنّ الاهتمام بتخفيف الألم واتخاذ الإجراءات المناسبة يمكن أن يساهم في تحسين الراحة وتقليل المعاناة.
إنّ الاستماع إلى جسمكِ والعمل على تحسين وضعيتكِ واتخاذ خطوات استباقية للعناية بنفسكِ يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تجنّب الشعور بالآلام الشديدة أو تقليلها. ويجب عليكِ دائمًا استشارة طبيبكِ في حال استمرار الألم أو تفاقمه لضمان عدم وجود مشاكل أكبر تحتاج إلى تدخّلٍ طبي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على دلالة نزول افرازات شفافه للحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الشعور بالألم خلال الحمل هو جزء لا يتجزّأ من التغيّرات التي يمرّ بها الجسم، ولا يجب عليكِ تجاهله أو التعامل معه بإهمال. من المهمّ أن تمنحي نفسكِ الوقت والاهتمام اللازمين للتعامل مع هذه العوارض بطريقةٍ صحيحة. استخدمي النصائح المذكورة في هذا المقال، وكوني دائمًا على تواصل مع طبيبكِ لتتمكني من التمتّع بحمل صحّي وخالٍ من الألم المزعج بقدر الإمكان.
