هل الجماع يؤثر على الجنين خلال الحمل؟ من أكثر التساؤلات التي تطرحها النساء الحوامل، خاصّةً في الأشهر الأولى من الحمل، هو ما إذا كان الجماع يؤثر على الجنين أو يُسبب الإجهاض. وينبع هذا القلق من المخاوف على سلامة الحمل، حيث تتساءل الأم عمّا إذا كان الاتصال الجنسي خلال فترة الحمل قد يُؤثر على نمو الجنين في الرحم أو يُعرّضه للخطر. ومع تعدّد الآراء والمعلومات، يصبح من الضروريّ الاعتماد على الدراسات العلميّة لفهم حقيقة هذا الموضوع.
في هذا المقال، سنناقش بعمق هل الجماع يؤثر على الجنين أو يسبب الإجهاض؟ سنستعرض الآراء الطبيّة والعلميّة حول تأثير العلاقة الزوجيّة على الجنين، وماذا يحدث له بعد الجماع، وأيضًا نوضح متى يجب أن يتوقّف الزوجان عن ممارسة العلاقة الحميمة خلال فترة الحمل.
هل الجماع يسبب الإجهاض؟
تبدأ الكثير من النساء الحوامل بالسؤال: هل الجماع يؤثر على الجنين ويؤدي إلى الإجهاض؟ تشير الإجابة العلميّة إلى أنّ الجماع، في معظم الحالات الطبيعية، لا يؤدّي إلى الإجهاض.
بحسب موقع Baby Center في مقالة نُشِرَت عبره هذا العام تحت عنوان “Your complete guide to sex during pregnancy”، يكون الجنين محميًا داخل الرحم بواسطة الكيس الأمنيوسي الذي يحميه من الصدمات الخارجيّة، كما أنّ عضلات الرحم القوية تُعد بمثابة درع يحمي الجنين. بالإضافة إلى ذلك، المخاط السميك الذي يغطي عنق الرحم يُساهم في منع دخول الجراثيم أو العدوى إلى الرحم. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
تحدث أغلب حالات الإجهاض نتيجة لأسباب وراثيّة أو مشاكل في تطوّر الجنين، وليس بسبب الجماع. ولكن هناك استثناءات قليلة، إذ ينصح الأطباء بتجنّب الجماع في حال حدوث مضاعفات صحية للحامل مثل النزيف المهبلي أثناء الحمل، أو ضعف في عنق الرحم، أو إذا كانت الأم تعاني من تاريخ سابق للإجهاض المتكرّر. في مثل هذه الحالات، قد يكون الجماع غير آمن، ويجب الحصول على إرشادات من الطبيب المتابع.
ماذا يحدث للجنين بعد العلاقة الزوجية؟
عندما يتعلّق الأمر بما يحدث للجنين بعد العلاقة الزوجيّة، قد تسأل بعض النساء هل الجماع يؤثر على الجنين بشكل مباشر؟ الحقيقة أنّ الجنين لا يتأثّر بوجود العلاقة الزوجيّة، فهو محمي داخل الرحم بواسطة السائل الأمنيوسي الذي يحيط به ويعمل كوسادة تحميه من أي اهتزازات أو ضغوطات خارجية. علاوةً على ذلك، فإنّ الجنين لا يشعر بأيّ ألمٍ أو ضررٍ خلال العلاقة الزوجيّة، ويبقى في حال راحة داخل الرحم.
بعد العلاقة الزوجية، قد تشعر الأم ببعض التقلصات البسيطة في الرحم. هذه التقلصات ناتجة عن هرمون الأوكسيتوسين الذي يُفرز أثناء الجماع، وهو نفس الهرمون الذي يُساهم في تحفيز تقلصات الولادة. ومع ذلك، لا تؤثر هذه التقلصات على الجنين ولا تشكل خطرًا على استمرارية الحمل ما لم تكن قوية أو مصحوبة بعوارض مقلقة مثل النزيف.
تشير الدراسات الطبيّة إلى أنّ العلاقة الزوجيّة قد تكون مفيدة في بعض الحالات، إذ تساهم في تحسين الحال النفسيّة والجسديّة للأمّ، وبالتالي دعم صحّتها العامّة وصحّة جنينها.
متى يتوقّف الزوج عن مجامعة زوجته وهي حامل؟
هل الجماع يؤثر على الجنين ومتى يجب التوقّف عن ممارسته؟ هناك بعض الحالات التي يجب فيها الامتناع عن الجماع أو تقليله بناءً على الحال الصحيّة للأم أو وفقًا لتعليمات الطبيب. وتظهر هذه الحالات في بعض الظروف الخاصّة التي قد تعرّض الحمل للخطر.
النزيف المهبلي
بحسب موقع المعهد الوطني للصحّة في دراسة “Can sex during pregnancy cause a miscarriage? A concise history of not knowing“، إذا تعرّضت الأم لنزيف مهبلي خلال فترة الحمل، يجب التوقّف عن الجماع فورًا حتى يتمّ استشارة الطبيب. فقد يكون هذا دليلًا على وجود مشكلة صحيّة تستدعي الرعاية الفورية، والجماع في مثل هذه الحالات قد يزيد من حدّة المشكلة.
تمزّق الأغشية
إذا تمزّقت الأغشية المحيطة بالجنين قبل موعد الولادة، يُعدّ من الضروري الامتناع عن الجماع، حيث قد يؤدّي إلى دخول الجراثيم أو البكتيريا إلى الرحم ممّا يزيد من خطر العدوى. في هذه الحال، يجب على الزوجين اتّباع توجيهات الطبيب بدقّةٍ لتجنّب مواجهة أيّ مخاطر.
الحمل المهدد أو الحمل عالي المخاطر
في بعض الحالات، قد يكون الحمل مهدّدًا نتيجة المعاناة من مشاكل صحيّة مثل ضعف عنق الرحم أو وجود مشاكل في المشيمة. تتطلب هذه الحالات رعاية خاصة ومتابعة دقيقة من الطبيب المختص، وفي بعض الأحيان يُنصح بتجنب الجماع للحفاظ على سلامة الأم والجنين.
بالإضافة إلى هذه الحالات، من المهم أن تستمع الحامل إلى جسدها. إذا شعرت بأي انزعاج أو ألم أثناء العلاقة الزوجية، فمن الأفضل التوقف ومراجعة الطبيب للتأكد من سلامتها وسلامة الجنين.
من الواضح أن السؤال هل الجماع يؤثر على الجنين يشغل بال العديد من النساء الحوامل، لكن وفقًا للدراسات العلميّة والطبيّة، لا يشكّل الجماع في الحمل الطبيعي خطرًا على الجنين ولا يُسبّب الإجهاض. يظل الجنين محميًا داخل الرحم، ولا يشعر بأيّ تأثير مباشر من العلاقة الزوجيّة.
ومع ذلك، هناك حالات خاصّة تتطلّب الحذر وتجنّب ممارسة الجماع بناءً على توصيات الطبيب، مثل حالات النزيف أو الحمل المعرَّض للخطر. من المهمّ أن تتواصل الحامل مع طبيبها بانتظام لتقييم حالِها الصحّية واتخاذ القرارات الصحيحة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على أوضاع جنسيّة مناسبة خلال الحمل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، يجب أن تتبنى الحامل وزوجها التوازن في علاقتهما خلال فترة الحمل. يُعتبَر الحمل فترة حساسة تتطلّب العناية والاهتمام، لكن لا يجب أن يؤدّي القلق الزائد إلى الامتناع عن ممارسة الجماع بشكلٍ كامل ما لم يكن هناك توصيات طبيّة محدّدة. يجب الاستماع إلى نصائح الأطبّاء والمختصّين ومراقبة العوارض باستمرار لضمان الحفاظ على صحة الأم والجنين.