مصدر الصورة: الحساب الرسمي لصوفيا ساكور @su1.life على انستغرام
في سن الثامنة، تمّ تشخيص صوفيا ساكور بمرض السكري من النوع الأول، لكن بدلًا من أن تستسلم للتحدي الذي فرضته الحياة عليها، اختارت أن تحول معاناتها الشخصية إلى مصدر إلهام ورسالة إنسانية تهدف إلى دعم الآخرين.
صوفيا، التي ولدت في العاصمة البرتغالية لشبونة وتعيش الآن في دبي، تبلغ من العمر 17 عامًا، وأصبحت مؤسسة علامة تجارية رياضية مبتكرة تُدعى SU1، وتهدف هذه العلامة التجارية إلى تقديم ملابس رياضية تجمع بين الأناقة والعملية، لكنها لا تقتصر على ذلك فقط، بل تسعى أيضًا لدعم الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول من خلال شراكاتها مع مؤسسات مثل مؤسسة الجليلة، حيث تركّز على تحسين فرص حصول هؤلاء الأطفال على الرعاية الصحية اللازمة.
بداية رحلة صوفيا
تتذكّر صوفيا اليوم الذي غير حياتها قائلة: “في 16 مارس 2015، تم تشخيصي بمرض السكري من النوع الأول، وكان ذلك اليوم نقطة تحول كبيرة في حياتي.” فالتكيف مع هذا التشخيص لم يكن أمرًا سهلًا على طفلة في الثامنة من عمرها، إذ كانت تجد نفسها فجأة مضطرّة إلى التعايش مع روتين يومي جديد يتطلّب منها وخز أصابعها عدّة مرات يوميًا لمراقبة مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى حقن نفسها بالأنسولين عند كل وجبة، وتضيف صوفيا: “كان علي أن أضع استقرار حالي الصحيّة في المقدمّة، حيث أصبح ذلك أولوية قصوى في حياتي اليومية.”
الدعم الذي حصلت عليه صوفيا
لم تكن صوفيا لتتمكّن من التكيف مع مرضها بدون الدعم الذي قدمته لها عائلتها، وتقول صوفيا: “لقد كانت عائلتي عمادًا أساسيًا في حياتي، حيث ساعدتني على التكيف مع التغييرات الكبيرة التي طرأت على حياتنا اليومية بسبب مرضي. من تغيير نظامنا الغذائي إلى الرحلات الطبية المتكررة، كان دعمها الدائم لي هو السبب الرئيسي في قدرتي على التعامل مع تحديات هذا المرض.” وهذا ما يبيّن دور الأسرة في الصحة النفسية للطفل وصحّته الجسديّة على حدًّ سواء.
تأسيس SU1: فكرة ولدت من رحم المعاناة
لم يكن تأسيس SU1 مجرد مشروع تجاري، بل كان نتيجة لشعور صوفيا العميق بالتعاطف مع الأطفال الآخرين المصابين بالسكري من النوع الأول، الذين قد لا يتمكنون من الحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجونها، وتوضح صوفيا قائلة: “العبء المالي الذي يتحمله آلاف الأسر بسبب هذا المرض، وتأثيره الكبير على حياة الأطفال، كان من بين الأسباب الرئيسية التي دفعتني لتأسيس SU1. كنت أشعر بالقلق والحزن تجاه مستقبل هؤلاء الأطفال، ولذلك أردت أن أفعل شيئًا من أجلهم.”
التحديات والنجاحات: طريق مليء بالعقبات
على الرغم من النجاح الذي حققته SU1، لم يكن الطريق أمام صوفيا خاليًا من التحديات، فقد كان أحد أكبر التحديات التي واجهتها هو عدم أخذ الناس لها بجديّة بسبب صغر سنها، تقول صوفيا: “أحد أكبر التحديات التي واجهتها كان صعوبة إقناع الآخرين بأهمية مشروعي بسبب صغر سني. لقد أعاق ذلك محاولاتي للحصول على التمويل اللازم وتوسيع مشروعي في العديد من الأحيان، لكنه في الوقت نفسه ساعدني على تنمية مهاراتي الريادية مثل الصمود والقدرة على تجاوز العقبات.”
التوازن بين الدراسة والعمل
إلى جانب إدارتها لشركة SU1، تتميّز صوفيا أيضًا بالتفوّق الدراسي كطالبة في برنامج البكالوريا الدولية. تقول صوفيا: “من الصعب جدًا الموازنة بين دراستي ومسؤولياتي كرائدة أعمال، لكنّ التنظيم وإدارة الوقت هما جزء لا يتجزأ من شخصيتي. أدركت أنني لا أستطيع فعل كل شيء في آن واحد، لذلك قمت بوضع خطة استراتيجية لتحديد أولوياتي وتنظيم وقتي بما يمكنّني من مواصلة تحقيق رسالتي الإنسانية والنجاح كطالبة مجتهدة.”
تأثير SU1: إحداث تغيير إيجابي في حياة الأطفال
منذ إطلاق SU1، حقّقت صوفيا تأثيرًا ملموسًا في حياة الأطفال المصابين بالسكري في مختلف أنحاء العالم. تقول صوفيا: “لم تقتصر تأثيرات SU1 على دبي فقط، حيث ساعدت تبرعاتنا في مستشفى الجليلة للأطفال على توفير العلاج الفوري للمرضى الجدد، كما ساعدت جهودنا في تقليل وقت انتظار المرضى في ماليزيا للحصول على الأدوية اللازمة، وتحسين فرص الوصول إلى الموارد الطبية في البرتغال، حيث توجهت تبرعاتنا لتعزيز التعليم حول مرض السكري وكيفية إدارته بفعالية.”
نصيحة صوفيا للشباب
توجّه صوفيا نصيحتها للشباب الذين يرغبون في إحداث تغيير في مجتمعاتهم قائلة: “لا تنتظر. لا تنتظر أن يحل الآخرون المشكلات من حولك، ولا تنتظر حتى يأتي الوقت المناسب. اجمع بين شغفك وهدفك، وابحث عن الموارد التي تحتاجها، وانطلق في تحقيق أحلامك.”
الموضة كوسيلة للتغيير: الجمع بين الفن والإنسانية
تؤمن صوفيا أنّ الموضة ليست مجرد أداة للظهور الخارجي، بل هي وسيلة قوية للتواصل ونشر الوعي حول القضايا الإنسانية، فمن خلال شعار SU1 “تموج من الابتسامات”، تسعى هذه الفتاة إلى استخدام الموضة كوسيلة لتحقيق رسالتها الإنسانية وجعل العالم مكانًا أفضل للأطفال المصابين بالسكري، وتضيف صوفيا: “الموضة هي فن، وهي وسيلة تواصل قوية. من خلال رسالتنا، نريد أن نساهم في إنقاذ وتحسين حياة المزيد من الأطفال، وأن نخلق ‘تموجًا من الابتسامات’ يمتد تأثيره إلى كل من حولنا.”
بهذا الإيمان الراسخ والالتزام العميق برسالتها، تواصل صوفيا ساكور تحقيق إنجازات مذهلة في مجال دعم الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول، مؤكدة أن التغيير يبدأ بفكرة صغيرة، وأن كل خطوة نحو تحقيق تلك الفكرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في حياة الآخرين. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على أفضل الطرق لعلاج السكري النوع الأول للأطفال في المنزل.