علاج الفجعة عند الأطفال مُمكن وضروريّ، ويتمّ بالاستناد الى الوقائع والمسبّبات التي أدّت الى حدوث هذه الصدمة النفسيّة للطفل.
الفجعة أو ما يُعرف بـ”الصدمة النفسيّة، هي حالة توتّر وقلق شديد تنتج عن تفاعل نفسي وجسدي يحدث عندما يتعرّض شخص لحدث أو تجربة مُفاجئة وصادمة. وتُؤثّر بشكل كبير وسلبي على حالة هذا الشخص النفسية، ما ينعكس أيضًا على صحّته الجسديّة، ويُعرقل قدرته على متابعة حياته اليوميّة بشكل طبيعي. والفجعة لدى الأطفال، أو ما يُعرف بالعاميّة بالـ”الفزع”، هي حالة هلع شديد، تتخطّى الخوف الطبيعي، مرّ بها الطفل نتيجة تعرّضه لصدمة قويّة. فكيف يُمكن تمييز الفجعة عن شعور الخوف الطبيعي، ما هي الأسباب التي قد تؤدّي الى حدوثها، وعلاجها بالتركيز على دور الأسرة في صحّة أطفالهم النفسيّة.
عوارض الفجعة لدى الأطفال
لا تقتصر مظاهر الفجعة لدى الأطفال على العوارض النفسيّة فقط، بل تظهر عن طريق عوارض جسديّة وسلوكيّة يُمكن ملاحظتها بوضوح، نذكر أهمّها:
الأعراض النفسية
- الاكتئاب والحزن الشديد: يشعر الطفل المصاب بالفجعة بمشاعر من الحزن العميق واليأس.
- التوتّر والقلق الدائم: تولّد مُسبّبات الفجعة مشاعر التوتّر والقلق الدائم لدى الطفل.
- الذّعر والرعب: يشعر الطفل بالخوف الشديد الذي يصل حدّ الذّعر.
الأعراض الجسدية
- آلام غير مُبرّرة: يشتكي الطفل من الصداع أو من آلام في البطن، من دون وجود مُسبّبات صحيّة لذلك.
- تغييرات في الشهيّة: فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام.
الأعراض السلوكية
- قلّة النوم والكوابيس: يعاني الطفل المصاب بالفجعة من الأرق وعدم القدرة على النوم، فيتغيّر نمط نومه الطبيعي. كما يشتكي من رؤية الكوابيس عند النوم.
- عدم القدرة على التركيز: يعاني الطفل المصاب بالفجعة من تشتّت الانتباه وصعوبة في التركيز.
- الانسحاب الاجتماعي: يرغب في العزلة وعدم الاختلاط مع الآخرين والتفاعل الاجتماعي.
- التهوّر والعدوانيّة: قد يقوم الطفل بتصرفات متهورة وأخرى عدوانيّة تجاه الآخرين.
مصدر الصورة: Freepik
أبرز أسباب الصدمة النفسيّة لدى الطفل
قد تحدث الصدمة النفسيّة، أو الفجعة، لدى الطفل نتيجة لمجموعة أسباب، ومن أبرزها:
- تعرّض الطفل لاعتداءات جسديّة أو جنسيّة.
- التعرّض لمشاهد عنف أمام عينيه أو على الشاشة.
- فقدان أحد الوالدين، الأخوة أو المُقرّبين.
- اختبار الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، وما ينتج عنها من ذعر.
- طلاق الوالدين من دون مراعات الحالة النفسيّة للطفل.
- تغيير مدرسة، منزل أو منطقة.
- التعرض للتنمر.
- الإصابة بأمراض قد تؤثر على نظام حياة الطفل.
- مشاهدة أو التعرّض لحادث مروع، كحادث سير أو حوادث منزليّة كحريق مثلًا.
تداعيات الفجعة على المدى البعيد
إذا لم يتمّ الانتباه الى العوارض التي ذكرناها سابقًا أو تمّ التغاضي عنها، ولم يتم علاجها بالطرق المناسبة، سيترتّب على ذلك تداعيات سلبيّة على المدى القصير والبعيد، قد تصل حدّ الخطورة على مختلف جوانب حياة الطفل كأدائه اليومي، صحتّه النفسيّة والجسدية، وعلاقاته الاجتماعيّة. ومن هذه التداعيات المحتملة على الطفل نذكر:
على الصعيد النفسي والعقلي
- القلق المزمن: يمكن أن يؤدي إلى مشاعر دائمة من القلق والتوتر.
- نوبات الذعر المٌتكرّرة: نوبات مفاجئة من الذعر والخوف الشديد التي قد يعاني منها الطفل بشكل مُتكرّر.
- الاكتئاب: واليأس مشاعر الاكتئاب الحاد وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة والحزن الدائم.
- اضطراب ما بعد الصدمة أو ما يُعرف بـ”PTSD”: استعادة الذكريات المؤلمة والأحداث الصادمة بشكل مفاجئ ومتكرّر، والكوابيس الدائمة.
- زيادة اضطرابات النوم: وصولًا إلى عدم القدرة نهائيًّا على النوم ما يُؤثّر على جوانب عدّة من نموّ الطفل وحالته النفسيّة.
- صعوبة في التركيز: تؤدي الى التأثير السلبي على الأداء الأكاديمي. بالإضافة الى التأخير أو الإخفاق في إنجاز المهام اليوميّة.
مصدر الصورة: Freepik
على الصعيد الجسدي
- ضعف المناعة: عدم قدرة الجسم على مقاومة الأمراض بسبب الضغط النفسي المزمن وتداعياته.
- ازدياد آلام الجسم المذكورة سابقًا وعدم القدرة على علاجها.
- تفاقم مشاكل الجهاز الهضمي: كحدوث اضطرابات قويّة في المعدة، وتحوّل التغيرات في الشهيّة الى عادات مُزمنة من الصعب الرجوع عنها.
على صعيد سلوك الطفل
- العزلة: يؤدّي ابتعاد الطفل المُزمن عن الأصدقاء والعائلة الى انعزال وعدم قدرته على إعادة الاندماج بسهولة.
- ازدياد السلوكيات العدوانيّة والمتهورة: تزداد تصرفات الطفل المتهوّرة والعدوانيّة العنيفة مع الوقت، وإذا لم يتمّ التعامل مع الطفل كما يجب، سيُؤدّي ذلك الى الخوف من الخطر الذي يٌشكّله الطفل على نفسه وعلى من حوله.
كيفيّة علاجه الفجعة
لدى مواجهة الطفل لأي صدمة نفسية، من المهم جدًّا طلب المساعدة والدعم النفسي، لأنّ العلاج المناسب المُبكر من تداعيات الفجعة يساعد في التعافي بشكل أسرع. ويتضمن العلاج:
- استشارة مُتخصّصين لتقديم الدعم النفسي: عندما تشكّين بإصابة طفلك بالفجعة، يجب عليك أوّلًا طلب مُساعدة معالج نفسي ليساعد طفلك على التعامل مع الصدمة وتقبّل مشاعره ومشاركتها. كما سيساعدك على معرفة كيفيّة التعامل مع طفلك في هذه المرحلة.
- التفاعل والدعم العائلي والاجتماعي: إعطاء الطفل الحبّ والدعم الذي يحتاجهما ليتعافى عبر تعزيز بيئة داعمة. وتشجيعه على التفاعل مع مجتمعه، والقيام بنشطات ممتعة. وإذا كان عمره يسمح، يمكنك تشجيعه على التفاعل مع الأصدقاء والعائلة والحديث عمّا يُزعجه وتقديم الدعم العاطفي له. واليك هنا بعض النصائح لكلمات وتصرّفات تؤثّر ايجابًا على نفسيّة طفلك.
- العلاج الطبي: قد تصل بعض الحالات الى الحاجة لزيارة طبيب نفسي لوصف الأدوية للطفل لتخفيف أعراض القلق والاكتئاب.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، إذا شعرت أنّ طفلك يعاني من عوارض الفجعة، يجب عليك استشارة متخصص في الصحة النفسية في أسرع وقت وطلب مساعدته لتقديم الدعم النفسي المناسب لطفلك، وتوجيهك على كيفيّة التعامل معه. وتجنّبي القيام بتصرّفات قد تدمّر صحّة طفلك النفسيّة.
