تعتبر مشكلات مرحلة المراهقة من التحدّيات الكبيرة التي يواجهها الشباب وأهاليهم، فهذه المرحلة الممتدّة من بداية سنّ البلوغ حتّى بداية سنّ الرشد، تحمل في طياتها العديد من التغيّرات الجسديّة، النفسيّة، والاجتماعيّة، لذا تعدّ هذه الفترة حاسمة في تشكيل شخصيّة الفرد واستقلاليّته، ممّا يجعل فهم طبيعة مشكلات مرحلة المراهقة والتعامل معها بفاعلية أمرًا ضروريًا لتحقيق توازن صحي ومستدام، وهذا ما يجعل فهم سنّ المراهقة ضروريًا وأساسيًا.
في هذا المقال، سنستعرض أبرز التحدّيات التي يمكن مواجهتها خلال مرحلة المراهقة، والمشاكل التي قد تنشأ بين المراهق والأهل، وسنقدّم نصائح عمليّة للتعامل مع هذه المشاكل بطريقة بنّاءة، كما سنهدف إلى تقديم نظرة شاملة تعتمد على المعلومات الأساسيّة لمساعدة الأهل والمراهقين على حد سواء.
التحدّيات التي يمكن مواجهتها خلال هذه المرحلة
تتّسم مرحلة المراهقة بالعديد من التحدّيات التي يواجهها الشباب في مختلف جوانب حياتهم، وفهم طبيعة هذه الصعوبات يمكن أن يساعد في التخفيف من حدّتها وإيجاد حلول مناسبة لها، لذا سنكشف لكِ عن أبرز مشكلات مرحلة المراهقة في ما يلي، وتشمل:
التغيّرات الجسديّة
تشهد هذه المرحلة نموًّا سريعًا وتغيّرات هرمونيّة تؤثّر على مزاج المراهق وسلوكه، فقد يعاني الشخص في هذه المرحلة من مشاكل مثل حبّ الشباب وزيادة الوزن وخاصّة في منطقة البطن، ممّا يؤثر على ثقته بنفسه، وهذه التغيرات قد تثير قلقه بشأن مظهره الخارجي وتجعله يشعر بالحرج.
التغيّرات النفسيّة
ترافق التغيرات الجسديّة تغييرات نفسيّة كبيرة، حيث يبدأ المراهق في البحث عن هويّته واستقلاليّته، فهذه المرحلة النفسيّة قد تكون مليئة بالشعور بالقلق والتوتّر ومواجهة عوارض الاكتئاب الحاد، وذلك نتيجة للضغوط الأكاديميّة والاجتماعيّة، لذا يمكن اعتبار هذه المرحلة بمثابة فترة انتقاليّة حسّاسة تتطلّب دعمًا نفسيًا كبيرًا.
التحدّيات الاجتماعيّة
يبحث المراهق خلال هذه المرحلة عن قبول من قبل أقرانه ويكون عرضةً لضغوط المجموعة، فقد يشعر بالحاجة للتمرّد على القواعد والمعايير التي يفرضها الأهل والمجتمع، ممّا يؤدي إلى عيش صراعات مستمرّة، وهذا يمكن أن يؤثّر على سلوكه ويجعله يتّخذ قرارات غير مدروسة.
وبسحب موقع (Sexual Health Tayside) في مقالة نُشِرَت تحت عنوان “Puberty – Emotional and Social Changes”، يواجه المراهق تقّلبات مزاجية، بما في ذلك الحساسيّة، أو البكاء، أو الغضب، أو السعادة الغامرة، أو الارتباك، مع عيش مشاعر شديدة من الحبّ، وتدنّي احترام الذات، والإحباط واللامبالاة. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
المشاكل التي تنشأ بين المراهق والأهل في هذه المرحلة
يمكن أن تظهر مشكلات مرحلة المراهقة بين المراهق والأهل نتيجة للفجوة الكبيرة بين توقعاتهم واحتياجاته، لذا فإنّ فهم هذه التحدّيات يساعد في إيجاد طرق فعّالة للتعامل معها حتّى انتهاء فترة المراهقة، وفي هذه السياق سنكشف لكِ في ما يلي عن أبرزها:
الصراع على الاستقلاليّة
يسعى المراهق إلى الاستقلاليّة والحريّة في اتخاذ قراراته، بينما يشعر الأهل بالحاجة إلى حماية أطفالهم ومراقبة تصرفاتهم، وهذا الصراع يمكن أن يؤدّي إلى مواجهة توتّرات ونزاعات مستمرّة، وهنا يعتبَر التوازن بين الاستقلاليّة والمراقبة من أكبر التحدّيات التي يواجهها الأهل.
سوء التواصل
يواجه العديد من الأهل صعوبة في التواصل الفعّال مع أبنائهم المراهقين، وقد يكون ذلك بسبب اختلاف اللغة بين الجيلين أو بسبب افتقار الأهل لفهم التغيّرات التي يمرّ بها أبناؤهم، وهذا ما يمكن أن يؤدّي إلى تفاقم المشاكل وجعلها أكثر تعقيدًا.
الضغوط الأكاديميّة والاجتماعيّة
يمارس الأهل أحيانًا ضغوطًا كبيرة على المراهقين لتحقيق نجاح أكاديمي أو الالتزام بمعايير اجتماعية معينة، وهذا ما قد يزيد من حدّة التوتّر والقلق لدى المراهقين، لذا من المهم أن يدرك الأهل تأثير هذه الضغوط وأن يسعوا لدعم أبنائهم بدلًا من الضغط عليهم.
نصائح للتعامل مع المراهق
للتعامل مع مشكلات مرحلة المراهقة بطريقة فعالة، يمكن اتّباع بعذ النصائح والتوجيهات التي سنقدّمها لكِ في الأسطر القادمة، وتشمل:
تعزيز التواصل الفعّال
يجب على الأهل الحرص على بناء جسر من التواصل المفتوح والصادق مع أبنائهم، فالاستماع للمراهقين بدون أحكام مسبقة ومحاولة فهم مشاعرهم واحتياجاتهم يمكن أن يقلّل من الصراعات ويساهم في حلّ المشاكل، فهذا يساعد على بناء علاقة ثقة بين الأهل والمراهق.
تشجيع الاستقلالية المسؤولة
ينبغي على الأهل تشجيع أبنائهم على اتّخاذ قراراتهم بأنفسهم وتحمّل مسؤوليّة أفعالهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع حدود واضحة ولكن مرنة تسمح للمراهق بالتعبير عن نفسه واستكشاف اهتماماته، فهذا يشجّعه على تنمية مهاراته الشخصية وتحمّل المسؤولية.
تقديم الدعم العاطفي
يحتاج المراهقون إلى الحصول على دعم عاطفي من أهاليهم خلال هذه المرحلة الحسّاسة، لذا يجب أن يشعروا بأنّهم محبوبين ومقبولين بغضّ النظر عن التحدّيات التي يواجهونها أو الأخطاء التي يرتكبونها، فتقديم الدعم العاطفي يسهم في تعزيز ثقة المراهق بنفسه ويساعده على مواجهة التحديات بثبات.
الحفاظ على التوازن بين الرقابة والحريّة
يجب على الأهل تحقيق توازن بين مراقبة أبنائهم ومنحهم الحريّة الكافية لاستكشاف العالم من حولهم، ويجب معرفة أنّ الرقابة الزائدة قد تؤدّي إلى تمرّد المراهق، بينما الحرية المفرطة قد تعرّضه لمخاطر غير محسوبة، لذا من المهم أن يجدوا هذا التوازن لضمان سلامة أبنائهم ونموّهم السليم.
وبحسب موقع (Raising Children Network) في مقالة نُشِرَت تحت عنوان “Disrespectful behavior: pre-teens and teenagers” هذا العام، من المهمّ إشراك طفلك في المناقشات حول القواعد، مع التركيز على سلوكه وما تشعرين به حيالها، مع تجنّب توجيه أي تعليقات حول شخصيّته. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
تعتبر مرحلة المراهقة من أكثر المراحل تحدّيًا في حياة الإنسان، حيث يواجه الشباب العديد من التغيّرات والتحديّات التي تتطلب دعمًا وتفهّمًا من الأهل، لذا من خلال فهم مشكلات مرحلة المراهقة وتطبيق النصائح المقدّمة في هذا المقال، يمكن للأهل مساعدة أبنائهم على تجاوز هذه المرحلة بنجاح والانتقال إلى مرحلة البلوغ بشخصيات ناضجة ومستقرة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على أبرز نشاطات مهاراتيّة اجتماعيّة للمراهقين.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتقد أن العلاقة الجيّدة بين الأهل والمراهق تعتمد بشكل كبير على التواصل الفعّال والتفهّم المتبادل، لذا يجب أن يكون الأهل مصدر دعم وثقة لأبنائهم، مع تزويدهم بالأدوات اللازمة لاتّخاذ قرارات مستنيرة ومسؤولة، وبذلك، يمكن تجاوز مشكلات مرحلة المراهقة بطريقة تعزّز من نموّ المراهقين وتطورهم بشكل صحي ومتوازن.